سورة ق - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (ق)


        


{ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)}
قوله تعالى: {ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [18] قال: أي حافظ حاضر لا يغيب عنه، ولا يعلم الملك ما في الضمير من الخير والشر إلا عند مساكنة القلوب إياه، فيظهر أثر ذلك على الصدر من الصدر إلى الجوارح نور ورائحة طيبة عند العزم على الخير، وظلمة ورائحة منتنة عند العزم على الشر، واللّه يعلم ذلك منه على كل حال، فليتقه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1].


إذا أشرفت النَّفْسُ على الخروج من الدنيا فأحوالُهم مختلفة؛ فمنهم مَنْ يزداد في ذلك الوقت خوفُه ولا يَتَبيَّنُ إلا عند ذهابِ الروح حالَه. ومنهم مَنْ يُكاشَفُ قبلَ خروجه فَيسكن رَوْعُه، ويُحْفَظُ عليه عَقْلُه، ويتم له حضورُه وتمييزُه، فيُسْلِمَ الرُّوحَ على مَهَلٍ مِنْ غير استكراهٍ ولا عبوس.... ومنهم، ومنهم.... وفي معناه يقول بعضهم:
أنا إنْ مِتُّ والهوى حشو قلبي- *** فبِداءِ الهوى يموت الكرامُ


ثم قال جلّ ذكره: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الوَعِيدِ وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ}.
سائقٌ يسوقها إمّا إلى الجنة أو إلى النار، وشهيدٌ يشهد عليها بما فعلت من الخير والشرِّ.
ويقال له: {لَّقَدْ كُنتَ فِى غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حِدِيدٌ}.
المؤمنون- اليومَ بَصَرُهم حديد؛ يُبصرون رُشْدَهم ويحذرون شرَّهم.
والكافر يقال له غداً: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} أي: ها أنت عَلِمْتَ ما كنتَ فيه من التكذيب؛ فاليومَ لا يُسْمَعُ منكَ خطابٌ، ولا يُرْفَعُ عنكَ عذابٌ.
قوله جلّ ذكره: {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ}.
لا يَخْفَى من أحوالهم شيءٌ إلى ذُكِرَ، إنْ كان خيراً يُجَازون عليه، وإن كان غير خيرٍ يُحَاسَبونَ عليه: إِمَّا برحمةٍ منه فيغفر لهم وينجون، وإمَّا على مقدار جُرْمِهم يُعَذَّبون.
{أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ}.
منَّاعٍ للزكاة المفروضة.
ويقال: يمنع فَضْلَ مائِه وفَضْلَ كَلَئِه عن المسلمين.
ويقال: يمنع الناسَ من الخيرِ والإحسان، ويسيءُ القول فيهما حتى يُزَهّدُ الناسَ فيهما.
ويقال: المناعُ للخير هو المِعْوانُ على الشَّرِّ.
ويقال: هو الذي قيل فيه: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7].
{مُرِيبٍ}: أي يُشَكِّكُ الناسَ في أمره لأنه غير مخلص، ويُلَبِّسُ على الناس حالَه لأنه منافق.
قوله جلّ ذكره: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِى ضَلاَلٍ بَعَيدٍ}.
يقول المَلَكُ من الحَفظَةِ المُوَكَّلُ له: ما أَعْجَلْتُه على الزَّلَّة.
وإنمنا كَتَبْتُها بعدما فَعَلَها- وذلك حين يقول الكافر: لم أفعلْ هذا، وإنما أعجلني بالكتابة عليّ، فيقول المَلكُ: ربَّنا ما أعجلته.
ويقال: هو الشيطانُ المقرونُ به، وحين يلتقيان في جهنم يقول الشيطانُ: ما أكرهته على كفره، ولكنه فعل- باختياره- ما وسوسْتُ به إليه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6